وفي جميع الأحوال – سواء نجحنا في تحقيق أحلامنا أو فشلنا فيها – فإننا نجبر أولادنا بقصد أو بدون قصد على استكمال نجاحنا فيهم أو تعويض ما فشلنا في عمله.
الناجح منا يريد من أبنائه استنساخ نفسه فيهم وتكملة مساره في الحياه بإجباره على سلوك نفس خطواته بل وامتهانه نفس مهنته التي برز فيها، أما الذين لم يوفقوا في حياتهم يجبرون أبنائهم أيضا على تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه خلال مسيرتهم . . .
الكل يتجاهل رغبات أبنائه ورؤاهم الشخصية وأحلامهم ونظرتهم لمستقبلهم ويريد أن يحقق فيهم ما يريد وما يفضل بغض النظر عن ما يرغبون أو يحبون.
في عالمنا العربي والإسلامي جيوش من الأطباء ومثلهم من المهندسين، وهما التخصصان المرغوبان لنا جميعا لتوجيه أبنائنا إليهما. لدينا كتائب من المحاسبين والقانونيين وخريجين عاطلين عن العمل وذلك بسبب توجهاتنا الخاطئة في النظرة المستقبلية لأبنائنا وبالتالي يفشل الجميع في أن يكونوا محبين لمهنتهم ومنتجين من خلالها، أو يصبحوا عاطلين عن العمل للزيادة الرهيبة في تخصصات لسنا في حاجه إلى هذا العدد الكبير من خريجيها.
أيها السادة . . . لا نريد جيوشا من الخريجين بلا فائدة أو طائل منهم، ويجلسون على المقاهي وتتلقفهم أيادي الفساد، بل نريد علماء وأدباء ومفكرين ومبدعين في مجالات عملهم.
دعونا نكف أيدينا عنهم ونترك لهم خياراتهم مهما كانت سيئة أو قليلة القيمة في نظرنا، فهي من وجهة نظرهم كل الطموح والأماني التي يريدون تحقيقها. هذه الاختيارات هي التي سوف يبدعون فيها مستقبلا طالما أرادوها برغبتهم وأحبوها وحلموا بها.دعوا لهم الاختيار كي ينجحوا ويبدعوا، قد يكون الاختيار لم يكن متاحا لنا في الماضي بسبب أشياء كثيرة لذا فلنتركهم لاختياراتهم وأحلامهم في المستقبل، وكما قلنا في البداية التوفيق من عند الله ومشيئته هي – في النهاية – الغالبة.
