الاثنين، 8 فبراير 2010

العمل عبادة


استكمالا لما ناقشناه في العدد الماضي، أضيف أن لا احد ينكر فضل الذكر والدعاء ولا يقلل من أهميتهما ، بل حثنا ديننا الحنيف على الأذكار والدعاء في الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة لا يتسع المقام هنا لذكرها جميعا ، لكن نذكر من بعضها :
* قال تعالى " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ" (152) سورة البقرة.
* قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرً ا (41)" سورة الأحزاب.
* قال النبي صلى الله عليه و سلم " لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة و
نزلت عليهم السكينة و ذكرهم الله تعالى فيمن عنده" .
* وقال أيضا صلى الله عليه و سلم " إن الله تعالى يقول أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ،
فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ، وإن تقرب إلي
بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة".

لكن مايهمله الكثير منا أن الأصل في الدين هو العمل ثم يكمله الدعاء والتسبيح وذكر الله وليس العكس.
إن ما يقوم به البعض منا يدعو الأمة إلى التكاسل والتهاون في الطاعات وأعمال الخير طالما يحصل على ملايين الحسنات وهو مضطجع وبجانبه الكومبيوتر المحمول. فمثلا عدد حروف القران كله في حدود 326500 حرف ، فهل معقول أن إرسال أيميل يعطي صاحبه ملايين ومليارات الحسنات وقراءة القران كله وتدبر معانيه ثلث مليون فقط؟؟؟ والله يا بلاش ...
لا نتجرأ على الفتوى فلها أهلها العالمين بها ولكن يجب أن نستعمل عقولنا وان نتدبر آيات الله وأحاديث رسوله وان نعي فعلا ما يحضنا الإسلام الحق عليه ، ولا اعتقد أن ديننا يسطح الأمور بهذه الدرجة ويهمش حياتنا بهذه الطريقة ويجعل منا " تنابلة " بلا عمل فعلي ولا منفعة عامة.
أيها السادة والسيدات، نحن في أمس الحاجة للتعاون والعمل من اجل ارتقاء الأمة وذلك بفعل الخيرات والحث عليها ، أن نضع أيدينا في أيدي إخواننا في الدين من اجل إعانة الملهوف ، وعلاج المرضى ومساعدة الأرامل والفقراء والمساكين. فلنكفل اليتامى ، ولنسهل الزواج على شبابنا ومساعدتهم على أعبائه ، دعونا نخرج من أموالنا صدقات ، حتى وان كانت قليلة ، ولنتاجر مع الله في تجارة لن تبور ، بدلا من إرسال ايميلات ساذجة بلا معنى، علينا أن نطوع هذه التقنية السهلة والسريعة على الحض على فعل الخير وتنبيه الأصدقاء على مجالاته المتعددة ، على نشر الدعوة بين المسلمين ، نعم بين المسلمين فوالله لأجد أن شبابنا في حاجة إلى الدعوة إلى الله قبل دعوة غير المسلم لها ، إننا في غفلة وسيحاسبنا الله عليها.
لا أطالب أن نكون جميعنا وعاظ ولا حملة سيوف لكن أنادي بوقفة مع أنفسنا، ألا ترون أننا نضيع أوقاتنا عبثا؟ عيشوا لدنياكم وتمتعوا كما تريدون ، لا ندعوكم للرهبنة ولا الزهد لكن تذكروا أن الكثير من المسلمين يفتقدون الكهرباء ، يعيشون بلا ماء نقي للشرب ، جوعى لا يجدون حتى لقمة خبز ،مرضى ينهش السقم أجسادهم ، ينامون في العراء صيفا وشتاء ، يموتون لافتقادهم لأبسط متطلبات المعيشة ،مفتقدون للتعليم والمدارس، هؤلاء ليسوا في أقاسي الدنيا ، إنهم إخواننا في فلسطين والصومال وغيرهما ، وقد يكونون في بيتنا المجاور لكنهم يتعففون السؤال.
العمل عبادة وما ينفع الناس هو العطاء وليس فقط الدعاء ، فلنكن عطائين ، زكائين ، متصدقين ، وتذكروا قول الله تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين"
أطلت في السرد لكن لم يكن هذا كل ما أريد قوله، وأتمنى أن تكملوا انتم ولكن ليس قولا، بل فعلا.

ليست هناك تعليقات: