الاثنين، 8 فبراير 2010

عِش ودعهم يعيشوا


"عِش، ودع الآخرين ليعيشوا، وامنحهم الحق في ذلك كما منحت نفسك، ولا تعتبر وجودك يقوم على أنقاضهم، ونجاحك على تدميرهم".
تلك المقولة الشائعة لا نستطيع تحقيقها عمليا إلا بالتعايش مع النفس أولا كي نستطيع التعامل مع الغير من منطلق انه مكمل لي وليس نقيضا لوجودي.
إلا أن الكثيرين يسلطون المصباح على غيرهم، نقداً وعيباً وبحثاً عن الزلات والأخطاء، وبث التهم في كل اتجاه، فقبل أن نلقي بالتبعات واللوم على غيرنا ينبغي أن نلوم أنفسنا أولاً، إن جزءاً كبيراً من أدبياتنا وتعاملنا مع الغير مبني على إلقاء التبعات على الآخرين: على الأهل أو المجتمع أو الوطن بل وعلى العالم كله، فهم سبب إخفاق مشاريعنا وخططنا، وبدونهم لنبغنا وتميزنا.
لماذا نتعامل مع الغير كالنبات السام الذي يقتل ما يجاوره كي يعيش منفردا، لماذا يعتقد الفرد أنه إمبراطور داخل محيطه، فيضع نفسه في مقابل العالم وفي تعارض مع الآخرين، ومن أين له هذا الحق وكيف اكتسبه. لماذا دائما أرائنا هي الصحيحة ونحاول فرضها على الآخرين؟
لماذا القينا بآداب الحوار خلف ظهورنا وأصبحت كل تعاملاتنا مع الآخرين سبا وصياحا وامتهانا للكرامة وعدم احترام.
لماذا بات ميزان الحكم على الآخرين من مكيال أنانيتنا ومصلحتنا الشخصية فقط وتناسينا أن معنى البشرية هي في التعايش جنبا بجنب مع الآخر وبدونها نعود القهقرى إلى آلاف السنين وإلى عصور البداءة والهمجية.

دعوة أن ننفتح بذاتنا على الكون، ونستقبل الغير برحابة وسعة صدر في إطار علاقة تقوم على الأخذ والعطاء المتبادل. أن نقتنع أن وجودنا هو بسبب وجود الآخر ومن غيره فلا قيمة لنا .
أن نعي أننا لسنا بآلهة تحاسِب بل بشر يصيب ويخطئ وان لا نزن الناس بوضع السيئات فقط ونقول هذا إنسان ليس حسن أو ليس جيد ، وننسى حسناته ومزاياه .
أن نحاول إيجاد مساحة مشتركة بيننا وبين الآخرين، فقوة المجتمع بمحبة أفراده وتعاونهم فالمحبة تقرب كل الآراء والأفكار مهما كانت بعيدة.
دعوة أن نكون حكماء في معالجة الأمور وكيف نقنع الأخر بحكمة بعيدا عن العصبية البغيضة أو التشنج أو الانفعال.
فالله عز وجل خلق الكون وخلق فيه الجن والإنس ، والأرض والسماء وما فيهن ، ونرى في كل هذا الاختلاف تكامل مفيد وإبداع لا يحصى يدل على عظمة الخالق وهو حكمة إلهية وتكامل بحد ذاته ،ومن هذا المنطلق يجب أن نعرف أن الأساس هو احترام الاختلاف بين الناس، واحترام آرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم . المهم أن ينطلق احترامنا وتقبلنا للآخر من محبة ونية صادقة

وفي النهاية أن التغيير يبدأ بالنفس أولا وقبل أن نتصيد أخطاء الغير ونحاول تغييرهم ،اسأل نفسك أولا هل تحب أن لا يتقبلك الآخرون ، هل تحب أن لا يحترم أفكارك وأرائك الآخرون، فكل شيئا لا تحبه لنفسك ، فإنني ادعوك إلى أن لا تحبه لغيرك،فاجعلوا التعايش بالمحبة والاحترام والتعاون بينكم لكي نكون أقوى، فالإسلام أقوى بالكل وليس بالفرد.

يقول الله تعالى : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

ليست هناك تعليقات: